سورة فاطر - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (فاطر)


        


{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ} خالقها ومبدعها على غير مثال سبق، {جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ} ذوي أجنحة {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} قال قتادة ومقاتل: بعضهم له جناحان، وبعضهم له ثلاثة أجنحة، وبعضهم له أربعة أجنحة، ويزيد فيها ما يشاء وهو قوله، {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ}.
وقال ابن مسعود في قوله عز وجل: {لقد رأى من آيات ربه الكبرى} [النجم- 18]، قال رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح. وقال ابن شهاب في قوله: {يزيد في الخلق ما يشاء} قال: حسن الصوت.
وعن قتادة قال: هو الملاحَة في العينين. وقيل: هو العقل والتمييز. {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.


{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ} قيل: من مطر ورزق، {فَلا مُمْسِكَ لَهَا} لا يستطيع أحد على حبسها، {وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ} فيما أمسك {الْحَكِيمُ} فيما أرسل.
أخبرنا الإمام أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، أخبرنا عبيد الله بن أسباط، أخبرنا أبي، أخبرنا عبد الملك بن عمير، عن وراد، عن المغيرة بن شعبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد». {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} قرأ حمزة والكسائي {غير} بجر الراء، وقرأ الآخرون برفعها على معنى هل خالق غير الله، لأن من زيادة، وهذا استفهام على طريق التقرير كأنه قال: لا خالق غير الله، {يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ} أي: من السماء المطر ومن الأرض النبات، {لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم، {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} يعني وعد يوم القيامة، {فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} وهو الشيطان.


{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} أي: عادوه بطاعة الله ولا تطيعوه، {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ} أي: أشياعه وأولياءه {لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} أي: ليكونوا في السعير، ثم بين حال موافقيه ومخالفيه فقال: {الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} قوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} قال ابن عباس: نزلت في أبي جهل ومشركي مكة.
وقال سعيد بن جبير: نزلت في أصحاب الأهواء والبدع. وقال قتادة: منهم الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين وأموالهم، فأما أهل الكبائر فليسوا منهم، لأنهم لا يستحلون الكبائر.
{أَفَمَنْ زُيِّنَ} شبه وموه عليه وحسن {لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} أي: قبيح عمله، {فَرَآهُ حَسَنًا} زين له الشيطان ذلك بالوسواس.
وفي الآية حذف مجازه: أفمن زين له سوء عمله فرأى الباطل حقا كمن هداه الله فرأى الحق حقًا والباطل باطلا؟ {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}.
وقيل: جوابه تحت قوله: {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} فيكون معناه: أفمن زين له سوء عمله فأضله الله ذهبت نفسك عليه حسرة، أي: تتحسر عليه فلا تذهب نفسك عليهم حسرات.
وقال الحسين بن الفضل: فيه تقديم وتأخير مجازه: أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء، والحسرة شدة الحزن على ما فات من الأمر، ومعنى الآية: لا تغتم بكفرهم وهلاكهم إن لم يؤمنوا.
وقرأ أبو جعفر: {فلا تذهب} بضم التاء وكسر الهاء {نفسك} نصب، {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5